آخر المواضيع
تحميل ..

قصص قصيرة : ايادي الدانياصورات

قصص قصيرة
قصص قصيرة : ايادي الدانياصورات



أركب سيارتي..أغلق نوافذها من لهيب الشمس و من ضجة المركبات من حولي..أتأفف من سلوك اﻵخرين في الشوارع...أنعتهم بالجهل...و أرى نفسي أني مظلوم في أن أعيش في وطن كهذا ثم يتوقف الطريق السريع من أجل مطب صناعي..فأرى شابا في مثل عمري تقريبا يقف على هذا المطب يحاول بيع مافي يده..أقول هي ظاهرة و تنتهي..فأراه مرة أخرى على المطب الذي يليه ثم الذي يليه ثم الذي يليه.
عند كل وقفة على الطريق الزراعي بين القاهرة و اﻹسكندرية تجده..مرة يحاول بيع المناديل و مرة لوف الاستحمام..و مرة يبيع العصير و الماء البارد..و حبات الذرة المقلي...مرة أجده في نفس عمري تقريبا و مرة يكبرني و مرة يصغرني..
يقضي يومه في احتمال ما تأففت منه أنا خلال لحظات قضيتها على الطريق على أمل أن يجمع بعض جنيهات يؤمن له عشاءه..أو يقضين دينا عليه..أو يشتري بهن دواء ﻷحد أحباءه...أو ﻷحد الذين يعولهم...
هو يتحمل لهيب الشمس و ضجيج المركبات و يواجه خطر الحوادث و أنا أضع نظارة تكسر أشعة الشمس الضارة عن عيني و أشغل تكيف السيارة كي يقيني لهيب الشمس و أعلي صوت المسجل باﻷغاني بدلا من ضجيج الطريق و أضع حزام الآمان خشية الحوادث ثم أتأفف من وجودي في وطن كهذا
*******************
أنظر أمامي من خلال زجاج سيارتي فإذا ببعض الفتايات يركبن في صندوق سيارة نقل يحرسن فرش صديقة لهن قد أنعم الله عليها بقرب زواجها..تكوي الشمس رؤوسهن تتطاير عوادم السيارات عليهن..و يدافعن الهواء الناتج عن سرعة السيارة دفعا..ثم يبتسمن و تعلوا صفقاتهن و أصوات زغاريدهن تزاحم الضجيج من حولهن فرحا أو إفراحا لصديقتهن...
أيتها الجميلات..أتعيرونني بعض جمالكم؟؟؟...قد لايكن زرقاوات العيون و لا حمر الخدود و لكن روحهم هي الزرقاء الصافية صفاء سماء الربيع التتي تتجلى على الورود الحمراء كما تحمر و جنتاهن من سخونة الجو حولهن
****************
يا إلهي هؤلاء يفرحون و يبتسمون و أننا أتأفف من أن أعيش في وطن كهذا..أنظر إلى هؤلاء المجتهدون و صديقي بجانبي يتأفف من وقوفهم في منتصف الطريق ﻷنهم يعرقلون سيره..أنظر إليه بشفقة و حسرة لا يفهمها..... أحاول أن أمد يدي ﻷساعدهم فأجد أن يداي أمامهم تصبح تماما كأيادي الدانياصورات الذين لا يستطيعون مدها بعيدا عن أجسادهم..
نعم قد تمتد يداي لطولها الطبيعي و قد يمتد لساني لعشرات اﻷمتار إذا ما قام أحدهم بحركة خاطئة بسيارته أمامي..فننزل نحن الاثنان نتصارع على بعض الصاج امام اعين الذين يحلمون بالعشاء...
****************
ا إلهي أي بشاعة تلك التي وصلنا إليها..نتأفف منهم لمجرد أنهم يبحثون عن قوت يومهم و نسخر من طريقة كلامهم و نشعر أننا مظلومون في أن نعيش بينهم و نحلم بالهجرة إلى أوطان أخرى يعلي فيها اﻹنسان قدر اﻵخر بينما لا نستطيع نحن أن نحترم آدميتهم أو باﻷحرى لا نحترم وضعنا بالنسبة لهم..فأنا أعلم أن هناك بينهم شباب في مثل عمري رصيدهم في الحياة جد و عرق و أنا رصيدي مازال حبرا على ورق فمن الأجدر بالفخر لا أدري

كتبت بواسطة 
Kemo Adel

 هذه واحدة من مجموعة قصص قصيرة هادفة اذا اردت المزيد اضغط على قصص قصيرة

مقالات اجتماعية : حضارة لا زالت حاضرة

مقالات اجتماعية
مقالات اجتماعية : حضارة لا زالت حاضرة
لم نكن نعلم حينها أن السنوات ستمر هكذا .. لم نكن ندري بأنها ستمضي وتمضي معها أحلامنا وأملنا بأن تكون لنا بصمة في تلك الدنيا ..يتأجج فينا الحماس أحياناً وكثيراً ما تأخذنا تفاهات الدنيا وغرورها ... وها نحن فى أواخر العمر ..وأرذله.. لم نصنع شيئا أكثر من أننا حيينا حياة الكثيرين مثلنا ..تزوجنا.. أنجبنا ..وها نحن نشاهد أطفالنا ونتمنى أن يحققوا هم ما لم تسعفنا الحياة فى تحقيقه ..



جلست بين جدران مسجد السلطان حسن وأخذت أتأمل ما حولي .. أخذت أتأمل جدرانا شاهقة صُنعت بروحٍ تكاد منها الجدران أن تحيا من جموديتها .. كل ركنٍ في هذا المسجد يحكي أبجديات حضارة عظيمة نعجز نحن الآن حتى عن قراءتها .. تخيلت لوهلة أنني أشهد على تأسيس هذا المسجد ..وجدت أُناساً يركضون نحو حلمهم بكل الطرق ..يركضون بجانب الزمن ليسبقوه ويعطوا من يأتوا بعدهم درسا ليس فقط في العمارة والبنيان بل في كافة دروس الاجتهاد في العمل والمثابرة عليه ..

تحت عظمة هذه القبة تضائلت نفسي وتفاهاتي أمامي .. أول أيام سنة جديدة مر مثلها ما مر من السنوات .. وسيمر بعدها الكثير إذا مد الله في عمري .. كل عام يذهب يذهب معه بعضُ من حلمي ..وجدت لنفسي في هذا البناء بدلاً من الدافع ألفاً للمثابرة على هدفي والعمل على تحقيقه ..وجدت أن بأصولنا أجداداً لم يعرفوا معناً للكسل والمماطلة ..هكذا كانت حضارة مر عليها آلاف السنين ولا زالت زخارف مبانيها تلمع بارقةً حاكيةً كل قصص أمجادها..



دارَ فى ذهني ما سمعته فى الصباح من الرجلين صاحبي السبعين عاماً .. قررت ألا أضيع ما بقيَ بعمري من سنوات ..عديدةً كانت أم قليلة .. أخرجت ورقة وبدأت في كتابة أحلامي ..توثيقاً لها ولتأخذ من عبق هذه الحضارة التي أنا في حضرتها .. كتبت كل أحلامي وكتبت كيف سأحققها ..وعدت بأن أبتعد عن تفاهات هذه الحياة وأثابر على حلمي لأن الدنيا لن تجلس معي لتحاورني ما الذى يُعيقني عن تحقيق أحلامي ..سأنام فقط لأحلم بحلُمي وأصحو لأشيّده ..إن الحياةَ وُجدت لكي نلد بها أحلامنا وبعد أن نفنى تَظلُ هي كي تَحكي عنا.. لا لكي نضيعها ويبقى أقصى طموحنا بضع دعوات وصدقات من غيرنا على روحنا ..



كلُ عامٍ وأَنتم إلى حُلمكم طامِحون


 كتبت بواسطة

 هذه واحدة من مجموعة مقالات اجتماعية هادفة اذا اردت المزيد اضغط على مقالات اجتماعية

مقالات اجتماعية : الذكرى

مقالات اجتماعية
مقالات اجتماعية : الذكرى
يحضرني اليوم فكرة على قدر بساطتها على قدر عمقها وأهميتها .. فكرة الذكرى ..

من فترة وجيزة ليست بالبعيدة كنت أقرأ في كتاب العادات السبع للناس الأكثر فعالية ومن أهم ما ذكر في العادة الأولى " كن مبادراً " ولفت نظري جدااااااااااااا

في جزء من الفصل قال الكاتب : تصور نفسك وأنت ذاهب إلى جنازة صديق مقرب لك وإذ أنت في الجنازة ووجدت حوله كل أقاربه وذويه وتفتح التابوت لتودع صديقك للمرة الأخيرة إذ تفاجأ وانت تنظر في التابوت انك تنظر في مرآة نعم .... إنها جنازتك .. تخيل نفسك في جنازتك .. وتصور كل واحد من اهلك وذويك وأقاربك

ماذا سيقول عنك كل منهم ؟ ... ماذا أضفت في حياة كل منهم ؟

ماذا كان تأثيرك على ابنك ... زوجتك .. جارك .. صديقك ... أكان تأثير سلبي أم إيجابي ؟ أكنت إنسانا ودودا موجودا في الأزمات أم انك كنت مزعجاً مقلقاً مسبباً للمشاكل



هذا كان رأي ستيفن كوفي

أما عن رايي الشخصي :

فأنا أعتقد أنه ليس فقط في الجنازة يمكن ان تتخيل ماذا أصفت أو أخذت من حياة الآخرين ولكن هناك مواقف أخرى تجعل الإنسان يبتعد عمن يعرفهم لأسباب مختلفة ... قطعاً أهمها الموت وللعظة أيضاً ... ولكن على مدار مراحل حياتنا كما في أغنية أعز الناس على طول الحياة ... نقابل ناس ... ونرتاح ويا ناس عن ناس ... في كل يوم نقابل ونفارق ... في كل فترة يكون هناك اناس موجودين في حياتنا ولظروف ما يتغير هذا الأمر ولا يصبح لهم وجود ..

قد تطول الفترة أو تقصر .. ولكن دوما هناك من يدخل حياتك ويبقى لفترة ثم يخرج منها إما لانتهاء الأجل أو لانتهاء العلاقة سواء صداقة أو جيران أو حتى زواج أو للانتقال لمكان آخر أو ... أو ... أو



تختلف الأسباب وفي النهاية يتغير الناس الموجودين في حياتك في كل فترة



وأنت كذلك نفس الحال تكون في حياة أناس آخرين لفترة محددة وتنتقل من حياتهم



السؤال الذي يطرح نفسه الآن :

ماذا تركت من أثر في نفس كل من عرفت ؟

ما هي &&& الذكرى &&& التي تركتها عند كل من قابلت ؟

أهي ذكرى جيدة أهي ذكرى سيئة ؟ أكان وجودك سبباً في الأذى النفسي والمشاكل والخلافات وعدم التفاهم ؟ أم كان وجودك سبباً في المساعدة والخروج من الأزمات ؟

بماذا تتوقع أن يتذكرك من عرفك ؟ بالخير ؟ بالشر ؟ بالأذى ؟ بالمساعدة ؟ بالود ؟ بالقهر ؟

سؤال مهم جداااااااااااااااااااااااااااااااااااا ... أسأله لنفسي قبل أن أسأله لغيري



** ماذا تركت من ذكرى في حياة الآخرين ؟

** ماذا ترك الآخرون من ذكرى في حياتي
كتب بواسطة

 هذه واحدة من مجموعة مقالات اجتماعية هادفة اذا اردت المزيد اضغط على مقالات اجتماعية

قصص قصيرة : مواطن بلا هوية

قصص قصيرة
قصص قصيرة : مواطن بلا هوية


" ماذا تقول أيها الأبله ؟ "
نطقها يعقوب بعصبية واضحة ،
فنظرت له بإشفاق قائلا " أنت تعلم جيدا ماذا قلت " ..
فقال والرذاذ يتناثر من فمه " أأنت مجنون أم تلك العربية الغبية أعمت عينك عن الحقيقة ؟ " ..

فقلت له بعصبية " لا تقل هذا عن نور "

قالي صارخا : "سأقتلها سوف اقتلها"

قلت له وقد امسكته من ملابسه " اني احذرك من ان تلمس لها شعرة واحدة وعندها سوف تندم "

تركته فسقط علي كرسي و انصرفت تاركا إياه يضرب أخماسا فى أسداس .. وفى طريقى إلى نور استرجعت كلامى مع يعقوب وذكرياتى ..

تذكرت كيف أتى والدى مع اليهود الذين هاجروا إلى اسرائيل بعد أن باعوا أملاكهم بثمن بخس لا يساوى حتى ربع ثمنها هربا من مصر بعد العدوان الثلاثى خوفا من أن يفعل عبد الناصر ما فعله هتلر باليهود ..

كان والدى يرفض الهجرة إلى اسرائيل بحجة أننا مصريون ولا يوجد شىء اسمه اسرائيل .. إنهم موعودون بالشتات .. وما أرض الميعاد الا أكذوبة من أكاذيبهم ؛ ولكن والدتى أقنعته بعد العدوان الثلاثى أن عبد الناصر سيفعل بهم مثلما فعل هتلر باليهود من محارق وهولوكست .

وقد سعت اسرائيل لتهجيرهم بأى طريقة كى لا تظهر مصر أمام العالم كدولة متسامحة .. لقد كانت اسرائيل تستقبل اليهود الغربيين بحفاوة شديدة وتقوم بتعيينهم فى أرفع المناصب بينما تلقى باليهود الشرقيين فى معسكرات ( الكيبوتس ) ..

وبعد سفرهم بسنتين ولدت أنا وكنت من جيل الصابرا وتوفى والدى بعد حرب الأيام الست .. لقد كان حزينا جدا لفراق مصر .. فقد كان دائما ما يخبرنى عن طيبة الجيران وكيف أنهم كانوا لا يعتبروننا مختلفين عنهم فى الدين .. وكان يرى أن الأرض ملك للعرب وما المنظمة الصهيونية إلا مغتصب لتلك الأرض .

لقد قالي لي ذات يوم "ان الفرق بين اي احتلال والاحتلال الصهويني ان اي احتلال اخر يكون له وطن ام ؛ اما الاحتلال الصهويني الغاشم هو عبارة عن مجموعة مرتزقة من جميع البلاد انهم بلا اصل و بلا تاريخ و بلا هوية وانا ايضا يا ولدي منذ ان وطأت قدامي تلك الارض واصبحت مواطن بلا هوية"

وبعد وفاة والدى شجعت والدتى أخى يعقوب على الالتحاق بالجيش .. والتحق بحرب الكيبور .. ولقى الجيش الصهيونى شر هزيمة وأضاع سيناء وجزء من الجولان .. ولكن بعضهم يرى أن تلك ليست بهزيمة لأانهم حصلوا بعد حرب الأيام الست على الضفة الغربية وغزة والجولان وسيناء ولم يفقدوا بعد حرب الكيبور سوى سيناء وجزء من الجولان .لقد كنت أتعامل بفتور مع هذا الموضوع .. فأنا ايضا منذ ان ولدت وانا مواطن بلا هوية

ولكن بعد أن تعرفت على نور .. تلك الفلسطينية ذات القوام الممشوق .. لقد خلبت لبى .. إنها تشبه حورية البحر .. وهى كما يقول المصريون بمائة رجل فهى تشارك المقاومة الفلسطينية فى خطف الجنود الاسرائيليين وتفجير معسكراتهم .. لقد عملت معها فى المنظمة وكنت أنقل لهم الأخبار عن الجيش الاسرائيلى .. تلك الأخبار التى أسمعها من أخى ..

اعترف أنى أحببتها ولكنى لم أستطع الاعتراف لها ذلك لأنهم كانوا يتعاملون معى بحذر شديد فى البداية وايضا لأختلاف الأديان بيننا ..

لقد علم أخر بعلاقتى بتلك المنظمة .. يقول عنهم إرهابيون ولكنى أراهم مناضلون .. كيف لتلك الحسناء أن تكون إرهابية ؟!!

لقد هددنى بقتل نور !!!!

لو اقترب منها لن ارحمه ؛ سادعه يتمني الموت افضل له من الذي سوف اعمله فيه.

وأنا فى سيارتى رأيت سيارة أخرى تقطع على الطريق .. خرج منها رجل يحمل بيده مسدس واطلق على رصاصة كادت تصيبنى لولا أنى تفاديتها فهجمت عليه وغلبته ومسكت برأسه وصدمتها بالسيارة صائحا : من الذى أرسلك ؟

لم يتكلم .. صدمتها مرات متتالية حتى قال لى وهو يتنفس بصعوبة " أخوك يعقوب " .. ألقيت به على الأرض وتصلبت بمكانى .. أخى يريد قتلى !!

استقليت السيارة بسرعة ذاهبا إلى المنطقة المقفرة التى تتخذها المقاومة مقرا لها .. ورأيت ابتسامة نور فانشرح صدرى .. ثم رأيت أخوها عدى يشرح لمجموعة من الشباب ملثمى الوجوه شيئا ما ..

حيانى بوجهه ثم استدار ليستأنف الشرح .. أدرت وجهى تجاه نور وقلت لها " خذى الحذر " .. قالت لى " الأعمار بيد الله " .. انهى عدى ما كان يقوم به ثم أتى إلى وقال " كيف حالك يا موسى ؟ " فهززت رأسى فيما معنها أنى بخير وأخبرته ما دار بينى وبين أخى ..ٌقال لى " توجد بعض الأسرار التى لا يجب أن أخبرك بها ولكنك أثبت أكثر من مرة أنك تستحق الثقة .. لقد خططنا لتفجير المعسكر ( بيت ايل ) " ..

ذهلت لوهلة ثم قلت " إنه المعسكر الذى يعمل به أخى !! "

قال عدى " نعم ، أعلم هذا ، ولكنه أصبح خطرا على المقاومة وعليك أيضا "

صمت لبرهة دار لحظتها بخلدي كل ما حدث ثم قلت " أنا موافق ، ولكنى أريد أن أقوم أنا بتلك العملية الانتحارية !! "

دهش عدى وأصيبت نور بالذهول وقالت " موسى ماذا تقول ؟ "

قلت " ما سمعتم ، وأنا أصمم أن أقوم بتلك العملية ؛ فأنا بأي حال من أحوال ميت اخي يعقوب لن يتركني في حالي "

بعدما وجد منى من اصرار وافق عدى ثم قال لى " سأذهب لاحضار سترة ملغمة "

وقفت أنا ونور صامتين للحظات ثم قلت لها " أنا أحبك "

جاء عدى وارتديت السترة ثم احتضنته ونظرت إلى نور .. رأيت الدموع تترقرق فى عينيها .. صافحتها ثم تركتهم وغادرت المكان ذاهبا إلى المعسكر ..

وصلت المعسكر فأوقفنى الجنود وسألونى " ماذا تريد ؟ " .. قلت " أنا موسى كوهين أخو العقيد يعقوب كوهين " ..

انتظرت لحظات أخبروا فيها أخى يعقوب بذلك خلال اللاسلكى ثم مررت عبر عدة ممرات حتى وصلت لحجرته ..

استقبلنى قائلا " لعلك عدت إلى صوابك " .. ثم استمر فى الحديث وأنا لا أسمع شيئا .. ذاكرتى تعرض الأحداث كلها ثم توقفت عند صورة نور ..

عندها ضغطت على الزر ..


*******************************************


نبأ عاجل على القناة الثانية الاسرائيلية

" هذا وقد ندد رئيس الوزراء الاسرائيلى بالأعمال الوحشية والإرهابية التى يقوم بها العرب مشيرا إلى أنه مؤخرا قام إرهابيون بتفجير معسكر ( بيت ايل ) وقد توافدت أنباء عن مقتل العقيد يقوب كوهين وما يزيد عن ال 40 جندى يبن قتيل وجريح !! "

تمت بحمدلله

كتبت بواسطة


 هذه واحدة من مجموعة قصص قصيرة هادفة اذا اردت المزيد اضغط على قصص قصيرة

مقالات اجتماعية : طالب

مقالات اجتماعية
مقالات اجتماعية : طالب



مضى من عمري ست سنوات و كان لقبي حينا طالب في المدرسة الإبتدائية...ثم مضى ثلاث آخرون و أنا طالب في المرحلة المتوسطة أو الإعدادية..و من بعدها ثلاثة أخر و أنا طالب في المدرسة الثانوية...ثم انقضى خمس سنوات أخرى و أنا طالب في كلية الهندسة...و لما مرت هذه السنوات فرحت فرحا شديدا لأني لن أعود طالبا بعد اليوم و سأغدوا رجلا يعتمد على ذاته و لكن سرعان ما أصابني خيبة أمل لما تم تجنيدي في كلية الضباط الإحتياط و وجدت لقبي هناك "طالب" فهناك في الكلية العسكرية لا يتم النداء علينا إلا بكلمة طالب على غرار " خد يا طالب ... روح يا طالب ... امنع الكلام يا طالب"و هكذا و لما تأملت الموضوع و جدت أنني

نزلت من بطن أمي "طالبا" رعايتها و حنانها

و لما وقفت على قدمي و تحدثت دون لعثمة في الكلام التحقت بمراحل التعليم المختلفة "طالبا" للدرجة العلمية

و لما فرغت منها ها أنا في الكلية العسكرية"طالب" حتى أحصل على الترقية لأكون ضابط

و لما أفرغ منها سانزل إلى الشارع"طالبا" للوظيفة

و لما أحصل عليها سأعمل بها"طالبا" للمال

و لما أحصل عليه سأذهب لبيت فتاة أقول لوالدها " يا عمي أنا (طالب) القرب منك" لأتزوج

ولما أتزوج سأعيش "طالبا" للأطفال...و هكذا

يقضي الإنسان عمره طالبا لأشياء متتالية لما يحصل واحد يطلب الآخر و لكن أسلافنا الذين اختاروا كلمة طالب كانوا على قدر كبير من الذكاء أو وجهتم الفطرة لاختيار اللفظ الصحيح و ذلك لأنك إذا تأملت الموضوع فستجد أن الإنسان في الأصل منذ يوم ولادته يعيش "طالبا" و لكنه يعيش في طلب الموت فما لحظة الولادة إلا لحظة بداية عد تنازلي لموت إنسان جديد فتأمل أخي

حين ولدت طالبا لحنان امك بكيت كي تحصل عليه

حين التحقت بالتعليم طالبا على درجتك العلمية اجتهدت قدر استطاعتك لتحصل عليها

"في حالتي" حين التحقت العسكرية طالبا الترقية أحاول الالتزام بالقوانين قدر المستطاع كي أحصل عليها

حين تنتنزل إلى الشارع طالبا الوظيفة تحسن مظهرك و تراجع معلوماتك و تثقف نفسك للحصول عليها

حين تعمل طالبا للمال فإنك تبذل جهدك لا تدخر منه شيئا لتحصل عليه

حين تذهب لبيت الفتاة طالبا للزواج تكون قد جهزت له متطلباته مسبقا من مسكن و مهر و أموال و ما إلى ذلك

كل هذا و أنت تعيش في حياتك في الأصل طالبا للموت الذي يختلف عن باقي ما طلبته في حياتك أنه قد يأتيك في أي لحظة
 فماذا أعدت له؟؟؟؟؟؟ 

كتبت بواسطة

Kemo Adel


 هذه واحدة من مجموعة مقالات اجتماعية هادفة اذا اردت المزيد اضغط على مقالات اجتماعية

مقالات اجتماعية : الفضول

مقالات اجتماعية
مقالات اجتماعية : الفضول

ان صفة الفضول من الصفات الظاهرة في مجتمعنا بل وفي المجتمعات كلها ولاأحد منا.يجهل معنى الفضول فكلنا نعرف أن الفضول هوالتدخل في شؤون الغير أو بالادق:هو ذلك الدافع الموجود لدى الانسان لمعرفة كل شيء في اي شيء مهما كان هذا الشيء ويستعمل في سبيل ذلك كل شيء يستطيعه مما يعنى أنه في الوقت الذي نجد رجلا يتصف بالفضولرغم قلتهم فى هذا الزمن نجد في المقابل ان هناك اكثرمن امرأة يمكننا أن نطلق عليه لقب فضولية جدا ..!!

غير أن المثير للانتباه أن فضول المرأة يختلف عن فضولالرجل وبدرجات مختلفه من امرأة إلى أخرى بحيث نجـــدأن المرأة اكثر التصاقا بالفضول واكثر عمقا بتفاصيــــــله ..!!

ســواء اكان ذلك على مستوى الأسئلة المركزة في هذاالخصــوص والتي تسألها وتبحث عن إجابات مفصـــلةعنها حتى باتت أشــبه ما تكون بـ أســــلوب البحث عنما وراء الحدث كخبر يستحق التداول ..!!

ومن هنا فـأن السؤال يكون حاضرا وبقوه على نحــوهل الفضول بالنسبة للمرأة يعتبر فطريا آم إنها صفه مكتسبةوالفضول كما أشرت سابقا يعتبر مسألة نسبية إلى حد ماولكن ماتتميـــز به المرأة من فضول يجعلنا نعيد النظر في هذه النظرية وخصوصا وان تزايد أعداد النساء الفضولياتفي مجتمعاتنا العربية فى تزايد مهيب بل وأصبحت ظـــاهرهلايمكن الوقوف عندها بمثل هذا المفهوم القاصر ..!!

الفضول مفيد في بعض الاحيان ولكنه ضار في الكثير منها ولعلنا نذكر الخطيئة الكبرى لسيدنا ادم عليه السلام حيث دفعه فضوله مع وسوسة الشيطان للاكل من شجرة الخلد حتى يشبع فضوله لمعرفة لماذا منعه الله تعالى من الاكل من هذه الشجرة......وهناك مثال بسيط لا بد ان نكون قد مررنا به ، فان كنت جالسا مع احد اصدقائك وتركت دفتر مذكرات او هاتفا نقالا او بريدا الكترونيا مفتوحا وغبت عنه لفترة بسيطة ، فانك عندما تعود تجده يطلع على رسائلك الواردة او خواطرك المسجلة ليرضي فضوله .......

ولكن هنا سنتناول ثلاثة انواع من هذا الفضول الا وهي (الدافع والقاتل والمحرم):
 
الفضولدافع :منذ قديم الزمان كان الفضول من اقوى الدوافع للكثير من الانجازات البشريه ، ففضول كريستوفر كولمبوس لمعرفة ما وراء البحار هو ما ادى الى اكتشاف الارض الجديده(اميركا) وفضول الانسان الى غزو الفضاء هو كان الخطوة الاولى التي سبقت خطوة نيل ارمسترونغ الى القمر ، وفضول الانسان في معرفة تراكيب جسم الانسان الداخليه هو ما ادى الى اكتشاف علاج للعديد من الامراض المستعصيه ، وهناك من الامثلة الكثير ولكن نكتفي بما ذكرالفضول قاتل :الفضول قد يؤدي بصاحبه الى الموت في كثير من الاحيان ،فضول بعض الناس في اكتشاف المغارات المجهوله وقمم الجبال ، وفضول بعض الصحفيين في الخوض عميقا للحصول على سبق صحفي فتراه يغوص عميقا في اطلاعه على اسرار جيش او عصابة ، وغير ذلك من الفضول ادى الى موت اصحابه في كثير من الاحيان!!!!!!


الفضولمحرم :هذا النوع من الفضول خاص بنا معشر المسلمين ، وقد حذرنا منه رسولنا الكريم عليه اكرم الصلوات واتم التسليم ، فهو فضول في البداية والحاد في النهاية ،ويتلخص هذا الفضول في الرغبة في معرفة وصف الخالق سبحانه وتعالى ومكان وجوده بالتحديد و و و الخ لا اريد الخوض فالباقي معروف حتى لا اقع انا في الكفر و الألحاد...

*يوجد نوع من فضول لا اراه فضول هو ان تسال صديق لك عن احواله شخصية فقد يراه البعض فضول وانا اراه انك تحاول ان تريح انه بانه يحكي لك او كنوع من فضفضه الفضول وحب الاستطلاع بين طرفى نقيض ففى أقصى الطرف الأيمن الذى ليس عنده فضول ولا يسعى لمعرفة شىء وهذه تسمى بلادة وعلى أقصى الطرف الأخر من يبحث عن أسرار الناس ويفتش عن دواخلهم ويتدخل فيما لا يعنيه وبين الطرفين وسط فى هذا الوسط يسأل الانسان عن ما يعنيه وما يعلمه بالأخرين بحيث لا يجرح لهم عورات لذلك فليس كل الفضول مكروه بل ما كان وسطى وهذ السلوك يوجد ايضا في الحيوان فيوجد مثل قديم يقول الفضول قتل القطة (بالإنجليزية: Curiosity killed the cat) وهو مثل إنجليزي يضرب للتحذير من الفضول الذي قد يقود لضرر.

قيل ان المعنى بالفضول هنا هو الانسان , القصة تحكي عن العالم الفيزيائي شرودنجر كان لديه قطه و قام بوضعها داخل صندوق ووضع معاها عبوة متفجرة تكفي لقتل القطة. و اغلق الصندوق عليها. وفاصبحت النظريه تقول ما لم يفتح شرودنجر الصندوق فهناك احتمال 50% بان القطة مازات حية و هناك احتمال 50% انا القطة ماتت بالمفتجرات او الغاز السام. فعلى هذا خرج مثل الفضول قتل القطة, بمعنى درجة فضول العالم شرودنجر او الانسان عموما خطرت بوضع القطة مع متفجرات فقط لي تختبر هذه النظرية وتوجد رواية اخري وقصة هذا المثل ...... يحكى انه كان هنالك قطة فوق سطح أحد المنازل، وفي إحدى الليالي المقمرة شاهدت القمر فأرادت أن تتعرف على القمر، فقفزت لتصل إلى القمر لكنها بالطبع سقطت على الأرض وماتت فقيل: (الفضول قتل هرة) واللــــــــه أعلم ....

الفضول هل هو داء أم مجرد طبع قد يكون عابر أو مقيم ؟ ..
والسؤال: هل أنت فضولي ؟؟ ..
البعض قد يقول : لا أعلم .. وغيره سيقول بدون تردد : لا .. والآخر سيهز كتفه
قبل ان تجواب علي سوال هل انت فضولي ام لا جواب علي هذه الاسئله:
* وأنت ماشي في الطريق ورأيت شخصان يتناقشان بعصبيه .. هل تنصت وتحاول معرفة الموضوع؟
* توقفت سيارة أمام منزل جيرانكم وبدأ الركاب بالنزول .. هل تذهب لتعرف من هم وما الأمر؟
* أنت في زيارة لصديق .. جالس في حجرة الضيافه المنزل الذي تدخله للمرة الأولى .. خرج صديقك لإحضار موجبات الضيافة .. هل تتجول بعيناك في المكان .. وتبص حولك مثل مروحة ؟
* شقيقك الصغير نسى خطاب في المنضدة .. هل تهجم عليه وتقراهه؟* قمتي بزيارة مفاجئة لجارتك .. وجدتيها في المطبخ .. هل تقتحمي المطبخ أم تسلمي وتنتظري في الخارج؟
* انت في زيارة لصديق في بيته .. استأذنك للحظات .. رن هاتفه النقال الموضوع في المكتب .. هل ترفعه لمعرفة من المتصل؟

باختصار .. هل تتشوق لمعرفة أدق التفاصيل لمواضيع لا تهمك ؟ ..
هل تندم على ضياع فرصة تلصص على الآخرين؟
.. ما هو شعورك إذا وجدت أن هناك من يعبث بأشياء تخصك؟
..سؤال بدون حواجز: هل أنت فضولي؟؟

تمت بحمدلله
كتبت بواسطة
 هذه واحدة من مجموعة مقالات اجتماعية هادفة اذا اردت المزيد اضغط على مقالات اجتماعية

قصص قصيرة : مسيو محجوب

قصص قصيرة
قصص قصيرة : مسيو محجوب

قرأت في صغري عبارة لأحد الفلاسفة تقول: "إذا وجدت نفسك يوماً تائهاً في صحراء قاحلة لا تدري أين طريق النجاة أو أي إتجاه تسلك.. فاختر أيها شئت و سر فيه بثبات .. فإنك إن لم تبلغ النقطة التي تريدها ، فلعلك بلغت حقاً نقطة أفضل من تلك التي كنت فيها". غير أن بدو الصحراء الكبرى أضافوا إليها خبراتهم فقالوا ناصحين: "إذا ضللت طريقك في الصحراء يوماً، فانتظر لحظة الشروق أو الغروب، أيهما أقرب، ثم تفحص السماء حولك، و سر بثبات في اتجاه النقطة التي تتكاثف فيها السحب أكثر من غيرها، فهي ستقودك غالباً إلى واحة في الصحراء أو نبع ماء، أو على أقل تقدير ستجعلك أقرب إلى دروب البدو"..

لا أظن أن "عم محجوب" قد قرأ نصيحة الفيلسوف أو استمع لخبرة بدو الصحراء تلك، لكنه بدا خير مثال لصحة النظريتين..

فمنذ بضع سنوات ، حمل إلينا البواب مظروفاً مغلقاً بلا طوابع أو أختام، قال لنا أن رجلاً بالباب طلب منه أن يسلمه لوالداي
فإن أذنا له صعد و إن لم يفعلا مضى لا رآهم و لا رأوه، كان بالمظروف "رسالة" كتبت بخط منمق، يشرح صاحبها فيها أزمته الصحية التي تستلزم علاجاً لا يملك ثمنه، واعداً بتقديم كل ما يثبت صحة كلامه. ولغرابة الموقف.. أذنا له بالصعود، ليجدا نفسيهما أمام رجل في الخمسينيات من عمره، نحيل الجسد، ثابت الخطا، بسيط الثياب، ذو نظرة لا تجرح ولا تتطفل على البيت و أهله، عفيف اللسان و من قبل هذا عزيز النفس. لم يبد الرجل كسائل كسرته الحاجة و إن أثقلته، بل كأي إنسان لما ضاقت عليه دنياه بما رحبت ، مضى يتلمس السند و الدعم من الآخرين- و كلنا هذا الرجل و إن لم ندري-.

عرفنا يومها أنه عامل بسيط بمرتب زهيد، يسكن حياً فقيراً، خرج من الدنيا بابنته الوحيدة المعاقة منذ ولادتها. لم يصعب على والدي تبين صدق كلامه، و ثقل همه، فقدما ما قسم الله له من رزق عندنا، أخذه ممتناً شاكراً لله فضله و مضى، قبل أن يعود بعدها بأيام قليلة حاملاً "فواتير" ما اشتراه رغم أن أحداً لم يطالبه بذلك، و هو ما زاد من تقديرنا و احترامنا للرجل. سأله والديَ يومها إن كانت لا تزال له حاجة، فنفى شاكراً رغم ظروفه التي تشرح غير هذا، لكنه لم يغادر بيتنا حتى اتفقا معه أن يمر علينا مطلع كل شهر فنعينه بمساعدة مالية هي ما يسميها الحس الشعبي المصري "نواية تسند الزير"..إلى أن يفرجها الله عليه.

و هكذا مع أول الشهر و عقب صلاة الجمعة يأتينا "عم محجوب" فنستقبله كما الضيوف أو الأصدقاء، و نجلسه مجالسهم  ، و تدور بيننا الأحاديث الودية، و صدَق "عم محجوب" على ذلك فكان يدخل علينا في كل مرة كأي ضيف حاملاً "هدية"!! فقد لفتت تلك المكتبة التي تواجه الداخل إلى المنزل انتباه "عم محجوب" من الزيارة الأول، فسأل شقيقي عن من يقرأ تلك الكتب ؟ فرد عليه: كلنا. فأعاد سؤاله بشكل أكثر تحديداً : هل منكم من يقرأ في "الأدب".. فأجابه أن أكثرنا اهتماماً به هن شقيقاته البنات. في الزيارة التالية فهمنا سر سؤال عم محجوب، إذ جاء حاملاً بين يديه مجموعة من الروايات التي توزع مجاناً مع العدد الشهري لجريدة "القاهرة"!! نعم فأقصى إنفاق لعم محجوب على الثقافة هو ثمن الجريدة، و كتابها المجاني هو متعته الأدبية!! عدد الجريدة هذا و كتابها كانا هدية عم محجوب لنا كل مرة، و أحياناً ما كان يبدي وجهة نظره في مستوى الكتاب و مدى موافقته لما جاء فيه من عدمه.. و ينتظر كذلك أن يسمع رأينا فيه.

حب "عم محجوب" للأدب لم يكن الجانب الوحيد الذي كشفته لنا الأيام عنه، إذ سرعان ما كشفت لنا زياراته المتكررة عن جانب آخر أثار دهشتنا و إعجابنا.. و هو إعجاب كانت تخالطه الشفقة كثيراً. حكى لنا "عم محجوب" كيف نشأ يتيم الوالدين في بيت خاله -الذي كان رجلاً كثير العيال قليل المال- و كيف كان تلميذا مجتهداً مُحباً للعلم أمنيته أن يلتحق بكلية "الآداب" قسم " اللغة الفرنسية" ليصبح معلماً لها، و حكى عن حبه أيضاً للغة الإنجليزية رغم أنه لا يعرف حرفاً في اللغتين !! لكن ضيق حال خاله أخرجه من المدرسة مبكراً و طاف به في سوق العمل صغيراً حتى استقر به المقام في وظيفته الحالية. حكى كيف حزن يومها وشعر بالظلم و المعنى القاسي لليتم، و كيف غضب من خاله و من الحياة التي لا تتسع أمامه يوماً، حتى تزوج و رُزق بابنته الوحيدة المريضة التي استنفذت هي الأخرى آخر ما بقي لديه من أمل.

ثم ذات يوم و بينما يسير به العمر نحو الستين، قرر أن يُعيد للطفل المحروم "محجوب" حلمه المسروق بعدما أصبح هو صاحب القرار في حياته، قرر أن يمنح ما بقي من الحياة فيه فرصة لتحتضن الطفل الغاضب و تمسح عنه حزنه .. لتعطيه متسعاً في رحابها قبل أن يغادرها و تغادره!! فالطفل ما عاد يتيماً، وإن ظل الفقر قيداً يكبله كما الماضي ..فانضم "عم محجوب" لفصول محو الأمية و حصل على شهادتها، ثم التحق بالصف الأول الإعدادي و في كل زيارة نسأله عن أحوال الدراسة فيرد بثقة: تمام إن شاء الله هاخد الإعدادية و الثانوية وهادخل الكلية و أبقى مُدرس "فرنساوي"، فلا يسعنا إلا تشجيعه و كف ألسنتنا عن أي تساؤل  أو تعليق محبط.

لا أعرف عدد من سخروا من الرجل الأشيب الذي يجلس في "مجموعة التقوية" مع أطفال من سن أحفاده، لا أعرف كم شخصاً اسمعه تعليقاً من نوعية : جامعة إيه اللي عايز تدخلها؟!، هم اللي خدوا شهادات عملوا بيها إيه؟، أقصى إنجازاتك أن يزيد طابور العاطلين واحد، أو يا راجل إحضرلك درسين في الجامع ينفعوك في آخرتك بدل شغل العيال ده.....الخ، غير أني أكاد أُجزم أنه لم يكن بمنأىً عن أي من هذا ! كل هذا الكلام بدا بلا معنىً أمام فرحته الطاغية يوم حصل على الشهادة الإعدادية بمجموع يؤهله للالتحاق بالثانوي العام، ما يجعل المسافة أقرب بينه و بين حلمه.. هنأناه و قد ازددنا ثقة بقدراته و بكل المعاني النبيلة في حكايته. ثم فاجأنا "عم محجوب" بقرار التوقف عن الدراسة لعام كامل!! لماذا؟؟ فرد بأسىً: الفيزياء و الكيمياء !! إذ وقفت كلا المادتين كصخرة هائلة في الطريق بينه و بين بوابات الجامعة.. لذلك و بعد تفكيرقرر "عم محجوب" أنه لكي يتجاوز العقبة هذه  بدرجة النجاح فهو بحاجة لـ "دروس خصوصية"، و لأنه يجد صعوبة حقيقية في الاستيعاب خلال "مجموعة التقوية" فلا مفر إذن من درس منفرد مع مدرس محترف، و لكي يقبل مدرس التفرغ له وحده في ساعة الدرس فإن ذلك يرفع ثمن الدرس إلى مبلغ لا يملكه  و لا يُطيق دفعه، لهذا قرر التوقف لعامٍ واحد يدخر خلاله ما استطاع للدروس الخصوصية التي يحتاجها !

أحزننا توقف حُلم "الطفل محجوب" للمرة الثانية أو لعلها الثالثة، أحزننا أن يُصادف الإحباط ثانية هذا الطفل الذي تملك روح الشيخ فمضى بها نحو البداية غير عابئ بالجسد الذي يمضي بثبات في اتجاه النهاية!!.. لكن ثقة "عم محجوب" التي تبدت حين أعاد التأكيد أنه فقط توقف لعامٍ واحد يعود بعدها لاستكمال حلمه و يصبح "مسيو محجوب" أكدت لنا أن الطفل مازال يتمتع بشغفه و ما زال ينبض بالحياة يبحث عن طريقه فيها، فاطمأن قلبنا .

بعد تلك الزيارة تغيب عم محجوب لعدة أشهر بلا خبر، حتى حدثتنا أنفسنا بأن الرجل قد وافاه الأجل!! فنقول لها: من يدري لعل في غيابه خيراً. لكن أخيراً جاء عم محجوب.. ينطبق عليه عبارة "يقدم قدماً و يؤخر أخرى" بدا مرتبكاً لكنه أفضل حالاً، سألناه عن سر غيابه الطويل ففاجأنا ما سمعناه. فعم محجوب بات مشغولاً طوال الوقت بعد أن فتحها الله عليه من أوسع أبوابه كما قال ، أما كيف؟ فيبدو أن مشهد الرجل الأشيب الذي ينضم للصغار في دروسهم قد لفت انتباه بعض آباء التلاميذ ، و كما ارتحنا له و صدقناه، ارتاح إليه أيضاً بعض الأهالي، و عرفوا أن الرجل الخمسيني بارع في اللغة "الإنجليزية"! لم لا؟ فعشق عم محجوب للغات الأجنبية دفعته لإجادة الإنجليزية بمجرد أن تفككت شفرات حروفها أمامه، فسعى إليه بعض أولياء الأمور طالبين منه مساعدة أبناءهم في المذاكرة، فلم يتردد ، ثم سرعان ما زاد عدد طلابه، و تجاوز الأمر حدود المساعدة فأصبح "دروساً مدفوعة الأجر" خاصة بعد أن انضم إليهم تلاميذ من أبناء القادرين !! صدق أو لا تصدق.. هذا ما حدث!!!

صحيح أن الطريق الذي اختاره عم محجوب لم يصل به بعد إلى بوابات الجامعة، و صحيح أن الفيزياء و الكيمياء كانتا صخرة اعترضته و حولت مساره، و صحيح أيضاً أن عم محجوب مازال يناضل لتحقيق حلمه القديم و يصبح "مسيو محجوب"، غير أن الطريق الذي اختاره حين دنت شمس العمر من مغربها.. كان طريقاً حمله إلى واحة ظليلة في صحراء الفقر و هجيرها. . واحة أصغر من تلك التي سعى إليها .. لكنها بدت كافية لاستراحة محارب يحتاج ظلها و ماءها ليتخذ منها بداية ليوم جديد و كفاح طويل. بقي أن تعرف إذن أن الحاجة التي دفعت عم محجوب لطرق بابنا منذ البداية كانت "ثمن نظارة طبية"!! نعم.. عم محجوب رجل شديد ضعف البصر.. قوي البصيرة !! يرتدي نظارة "كعب كوباية" و روح شاب و شغف طفل و عزم محارب. 

لا أعرف كم من المعاني تحملها قصة هذا الرجل، لكنني كل يوم أزداد إيماناً أن أسوياء النفوس وإن كانوا فقراء منسيين أو ضعفاء يعيشون على هامش المجتمع، سيظلون ذائماً يقدمون للحياة خدمة عظيمة، إذ أنهم يحفظون توازن القيم فيها ، و يرجحون كفة الأخيار على الأشرار فيها. لهذا لم أستغرب حين قالت صديقتي الفنانة "فاطمة عمر " أن عم "أحمد" ماسح الأحذية رفض أن ترسمه "منحنياً" على رزقه- وكلنا منحن على رزقه-!، و أذن لها فقط أن ترسمه بينما يستند بارتياح إلى الحائط بعدما فرغ من عمله كما تُظهر الصورة المرفقة، فبعض الناس يأبى أن ينحني و لو في صورة!! لعله رأى في ذلك انكساراً يأباه.. فالانكسار كما الانتصار، و الأمل كما اليأس قرار أنت وحدك صاحبه. و عقبات الحياة و آلامها.. تملك فقط أن تؤجل حلمك، أن تعطل مسار أهدافك، أو أن تباعد المسافة بينك و بينها و تزرعها بالمشقة، لكنها أبداً لا تمنعك من تحقيقها. 
و بنفس الهدوء الذي دخل به حياتنا قبل سنوات.. غادرنا "عم محجوب" .. وشيئاً فشيئا انقطعت أخباره.. لا أعرف هل التحق بالمدرسة الثانوية هذا العام، أم مازال حلماً مؤجلاً، لكنني ثقة في الله أحسبه سيفعل، يوماً ما سيعاند الطفل الذي مازال يسكن روحه.. سيتعلق بيدي "مستر محجوب" جاذباً إياه بالحاح نحو حلمه الواقف منذ عقود خلف أسوار الجامعة في انتظاره.. و لن يهدأ الطفل أبداً حتى يصبح "مسيو محجوب" !!!  

بريشة فاطمة عمر

كتبت بواسطة
هبة العقباوي

 هذه واحدة من مجموعة قصص قصيرة هادفة اذا اردت المزيد اضغط على قصص قصيرة
 

قصص قصيرة : الفستان الأبيض

قصص قصيرة
قصص قصيرة : الفستان الأبيض
ثم تشخص عينيه إلى السماء معلنةً أن لحظات الوداع قريبة وأن إرادة الله في خلقه أقوى من كل ما وصل إليه علوم البشر من تقدم وكبرياء ! ...تخيلوا أن وصولهم للفضاء وترويضهم لأشرس الكائنات وأضخمها ستمنع إرادة الله من أن تنفذ على هيئة كائنات لا تُرى بالعين المجردة إلى ذلك الجسد القوى فتحيله إلى صندوقٍ يتفشى فيه الصدأ يوماً بعد يوم ..ولتثبت أن للكون خالقاً يخلق ما يضر وما ينفع وأن كائناً من كان لا يقدر على تحويل إحداهما للآخر إلا بإرادته وأمره

حياتها كانت أملاً لكثير ممن لم يحظوا بحنان الأب واحتواء الأم ودفء الأسرة وحميميتها ..لم تكن لتحلم بأكثر من ذلك وأكثر من ذلك ما كان ليكون ..وبرغم أن الأب والأم قد أرسوا كل ما تعلموه من قواعد التربية السليمة البنَاءة وإستخدام النقاش سلاحاً فتاكاً لكل المشاكل وانجرافات الحياة ألا أن حبهم الغير محدود لها قد رسٌب بها أن العالم يحده فقط جدران ذلك المنزل الملئ بالمشاعر الدافئة والمبادئ النقية ..لم تكن لتواجه شيئاً إلا من وراء تلك الجدران ممسكةً بحكمة أبيها وخوفه عليها ...

وتتوالى الأيام وتكبر ويكبر معها إحساسٌ بخلود ذلك الحال مع أن تعاريف الموت تتنوع وتختلف بزيادة سنواتها في الحياة

في صغرها كان الموت فقط عندما يمتلئ الوجه بتجاعيده وينحني الظهر وتنكسر العينان إلى خالقها إعترافاً بما أعطاها من عمرٍ مديد وأبناء يكملون ما أُرسى قواعده ...وقتها فقط يكون الموت مشروعا

ولكن ذهاب أصدقائها ممن تعلمت معهم أبجديات الطفولة وحماقات المراهقة أسقط تلك الشرعية واضعاً دستوراً جديداً يبيح للموت بالدخول إلى أى كائنٍ من كان ليهز حياة من حوله ويترك لمن يتأملون عظة تذهب بالعودة إلى تفاهات الحياة وملذاتها..يبيح امتلاك كل الأرواح لكن فقط خارج تلك الجدران !

الشيطان بكل ألاعيبه يصنع تلك الأكذوبة ويلونها لتعيش حياتها هادئة غير بالية بكل حوادث الطائراات والقطارات و زلازلال العقارات..فكل ذلك بعيداً عنها تسمعه فقط فى نشرات الأخبار وتقطب جبينها لحظات ثم تنصرف لتكمل حياتها البعيدة عن نطاق الموت

وهل تترك الدنيا حالاً فى دوام ! ..وهل يترك القدر صوتاً يعلو على صوته ! ..

تقف فى سكون تتذكر كل لقطات الأفلام التى وقف بها الطبيب ينهى حياة مريضه أمام أقاربه بعدة معلومات أتى بها العلم لتكشف حقيقة ستظل تنخر فى هدوء تلك الأسرة واستقرارها طوال الشهور القليلة الباقية فى حياة المريض

دموعها لم تخرج وتحمل بخروجها بعضاً من الأسى الذى ملأها فقد شاءت يومها أن تجعل ما بقى من أيام أبيها أسعدها على الإطلاق وقد كان قرار الكتمان عنه أكثر الخيارات حكمة بل هو وحده القرار الحكيم فمن منا يتحمل أن يحيا ليشاهد قضائه ينتشر بداخله ثم فى لحظة من اللحظات يرتجف أحد أعضاءه معلناً عدم قدرته على التحمل آمراً باقى الأعضاء بالسكون !!! ....

وينتشر ذلك الداء الخبيث أمامها فى جسد أبيها يوما بعد يوم ..وكأنها تراه أمامها كائناً حياً كلما زاد حجمه نقصت تلك الساعات الباقية فى حياة أبيها ..تراه يجرى جارفاً كل معالم الحياة داخل ذلك الجسد وجارفاً كل مشاعر السعادة من هذا البيت

هل تخيلت يوماً وهى بأحضان أبيها أنها ستمسك بيده يوماً وروحه فى نصف جسده وتلقنه أن الله ربه وأن محمداً رسوله ..وهل تخيلت يوماً أنه سينسى ! ..هل تخيلت عندما علًمها تلك الكلمات أنها ستلقنه بها يوما وهو مستلقى يرى من الملائكة ما لا نراه ويسمع من الكلمات ما لا نسمعه ..هل تخيلت يوما أنها ستدعى لأبيها الذى طالما دعا لها بالحياة والنجاح ستدعى هى له بأن يخفف عليه ربه سكرات الموت ويعجل بقضاءه حتى يرتاح من ذلك العذاب وأن ينهى تلك المرحلة التى يقف بها معلقاً بين الدنيا والآخره لا يعلم سوى الله فى أىٌ منهما سيبقى ..

هل سيستجيب الله لها مرة أخرى ويجعل كلامها نافذا إلى روح أبيها برغم أنهما فى مكانين لا يعلم أحدٌ كم يبعدا عن بعضهما ..هل إذا صرخت وهى ممسكةٌ ذلك الصندوق الخشبى الذى يفصلها عن أبيها ستسمع روحه آخر كلماتها ويتذكرها تحت التراب ..

لم تكن تشعر بأنه قد مات ...ليس كفراً بما قضاه الله ولكن إيماناً بما علمه لها أبيها بأن من يحيا ناظراً لنهايته دائما يذهب ويترك ما يحيا منه من سيرته الطيبة وأثره الطيب وأعماله ..ومن يعش فى تلك الدنيا ناسياً أو متناسياً بأنها خلقت لتكون دنيا وواهماً أن اليوم الذى يغيب سيأتى يقيناً يومٌ بعده هو فقط من يموت لا يتذكر أحدٌ له شيئا ...

لم تكن تشعر أنها ذاهبة لقضاء مراسم عزاء ..لم تكن حزينة .. كانت مؤمنة أنه هناك فى مكان ما ..يلقى خيراً على كل ما تركه فى قلوب من حوله .. كانت كل ما تشعر به فى كلمات ..أنها ذاهبة لزفاف روح أبيها .. وأن لا شئ يليق به فى زفافه إلا أن ترتدى ...فستاناً أبيض !

كتبت بواسطة

 هذه واحدة من مجموعة قصص قصيرة هادفة اذا اردت المزيد اضغط على قصص قصيرة




رسائل أقدم الصفحة الرئيسية

جميع الحقوق محفوظة لاصحابها كتب pdf ©2014 .