مقالات اجتماعية : حضارة لا زالت حاضرة

مقالات اجتماعية
مقالات اجتماعية : حضارة لا زالت حاضرة
لم نكن نعلم حينها أن السنوات ستمر هكذا .. لم نكن ندري بأنها ستمضي وتمضي معها أحلامنا وأملنا بأن تكون لنا بصمة في تلك الدنيا ..يتأجج فينا الحماس أحياناً وكثيراً ما تأخذنا تفاهات الدنيا وغرورها ... وها نحن فى أواخر العمر ..وأرذله.. لم نصنع شيئا أكثر من أننا حيينا حياة الكثيرين مثلنا ..تزوجنا.. أنجبنا ..وها نحن نشاهد أطفالنا ونتمنى أن يحققوا هم ما لم تسعفنا الحياة فى تحقيقه ..



جلست بين جدران مسجد السلطان حسن وأخذت أتأمل ما حولي .. أخذت أتأمل جدرانا شاهقة صُنعت بروحٍ تكاد منها الجدران أن تحيا من جموديتها .. كل ركنٍ في هذا المسجد يحكي أبجديات حضارة عظيمة نعجز نحن الآن حتى عن قراءتها .. تخيلت لوهلة أنني أشهد على تأسيس هذا المسجد ..وجدت أُناساً يركضون نحو حلمهم بكل الطرق ..يركضون بجانب الزمن ليسبقوه ويعطوا من يأتوا بعدهم درسا ليس فقط في العمارة والبنيان بل في كافة دروس الاجتهاد في العمل والمثابرة عليه ..

تحت عظمة هذه القبة تضائلت نفسي وتفاهاتي أمامي .. أول أيام سنة جديدة مر مثلها ما مر من السنوات .. وسيمر بعدها الكثير إذا مد الله في عمري .. كل عام يذهب يذهب معه بعضُ من حلمي ..وجدت لنفسي في هذا البناء بدلاً من الدافع ألفاً للمثابرة على هدفي والعمل على تحقيقه ..وجدت أن بأصولنا أجداداً لم يعرفوا معناً للكسل والمماطلة ..هكذا كانت حضارة مر عليها آلاف السنين ولا زالت زخارف مبانيها تلمع بارقةً حاكيةً كل قصص أمجادها..



دارَ فى ذهني ما سمعته فى الصباح من الرجلين صاحبي السبعين عاماً .. قررت ألا أضيع ما بقيَ بعمري من سنوات ..عديدةً كانت أم قليلة .. أخرجت ورقة وبدأت في كتابة أحلامي ..توثيقاً لها ولتأخذ من عبق هذه الحضارة التي أنا في حضرتها .. كتبت كل أحلامي وكتبت كيف سأحققها ..وعدت بأن أبتعد عن تفاهات هذه الحياة وأثابر على حلمي لأن الدنيا لن تجلس معي لتحاورني ما الذى يُعيقني عن تحقيق أحلامي ..سأنام فقط لأحلم بحلُمي وأصحو لأشيّده ..إن الحياةَ وُجدت لكي نلد بها أحلامنا وبعد أن نفنى تَظلُ هي كي تَحكي عنا.. لا لكي نضيعها ويبقى أقصى طموحنا بضع دعوات وصدقات من غيرنا على روحنا ..



كلُ عامٍ وأَنتم إلى حُلمكم طامِحون


 كتبت بواسطة

 هذه واحدة من مجموعة مقالات اجتماعية هادفة اذا اردت المزيد اضغط على مقالات اجتماعية


هل أعجبك الموضوع ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رسائل أحدث رسائل أقدم الصفحة الرئيسية

جميع الحقوق محفوظة لاصحابها كتب pdf ©2014 .